منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات تعليمية

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات تعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
حمدي عبد الجليل
حمدي عبد الجليل
المشرف العام
المشرف العام
ذكر عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28291
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
بحر الدموع - الفصل الخامس والعشرون 1393418480781

بحر الدموع - الفصل الخامس والعشرون 140

بحر الدموع - الفصل الخامس والعشرون Empty بحر الدموع - الفصل الخامس والعشرون

السبت 17 سبتمبر 2011, 14:55
ص -109- بحر الدموع - الفصل الخامس والعشرون
يا أخي، أفنيت عمرك في اللعب، وغيرك فاز بالمقصود وأنت منه بعيد، غيرك على الجادة، وأنت من الشهوات في أوجال وتنكيد، ترى متى يقال: فلان استقال ورجع. يا له من وقت سعيد، متى تخرج من الهوى وترجع إلى مولاك العزيز الحميد، يا مسكين، لو عاينت قلق التائبين، وتململ الخائفين من هول الوعيد، جعلوا قرّة أعينهم في الصلاة، والزكاة، والتزهيد، وأهل الحرمان ضيعوا الشباب في الغفلة، والشيب في الحرص والأمل المديد، لا بالشباب انتفعت، ولا عند المشيب ارتجعت، يا ضيعة الشباب والمشيب:
{وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ}
سبأ 51.
وأنشدوا:


عملت على القبائح في شبابي فلما شبت عدت إلى الرياء

فلا حين الشباب حفظت ديني ولا حين المشيب طببت دائي

فشاب عنده مصغر غويّ وشيخ عند مكبره مرائي

قضاء سابق في علم غيب فيا لله من سوء القضاء

يروى في بعض الأخبار إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لقي حذيفة بن اليمان وهو يومئذ أمير المؤمنين، فقال لحذيفة: كيف أصبحت يا حذيفة؟ قال: أصبحت يا أمير المؤمنين أحب الفتنة، وأكره الحق، وأقول بما لم يخلق، وأشهد بما لم أر، وأصلي بلا وضوء، ولي في الأرض ما ليس لله في السماء.
فغضب عمر لذلك غضبا شديدا، وهمّ إن يبطش به، ثم تذكر صحبته من



ص -110- النبي، فأمسك، فهو كذلك إذ مرّ به عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فرأى الغضب في وجهه، فقال: ما أغضبك يا أمير المؤمنين، فقصّ عليه القصّة.
فقال: يا أمير المؤمنين لا يغضبك ذلك، أما قوله: إنه يحب الفتنة، فهو تأويل قوله تعالى:
{إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ}
التغابن 15.
أما قوله: يكره الحق، فالحق هو الموت الذي لا بدّ منه ولا محيص عنه.
وأما قوله: يقول بما لم يخلق: القرآن، فهو يقرأ القرآن وهو غير ومخلوق.
وأما قوله: يشهد بما لم ير، فانه يصدق بالله ولم يره.
وأما قوله: يصلي بغير وضوء، فانه يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بغير وضوء.
وأما قوله: إن له في الأرض ما ليس لله في السماء، فان له زوجة وبنين، وليس لله شيء من ذلك.
فقال عمر: لله درّك: يا أبا الحسن، لقد كشفت عني هما عظيما.
ويروى أن رجلا من أهل دمشق يسمى بأبي عبد ربه، وكان أكثر أهل دمشق مالا، وأنه خرج مسافرا، فأمسى إلى جانب نهر ومرعى، فنزل فيه، فسمع صوتا يكثر حمدا لله في ناجية المرج. قال: فاتبعته، فوجدته رجلا ملفوفا في حصير، قال: فسلمت عليه، وقلت له: من أنت يا عبد الله؟.
قال: رجل من المسلمين.
فقلت له: فما هذه الحالة؟
قال: نعمة يجب عليّ شكرها.
فقلت: كيف وأنت ملفوف في حصير وأي نعمة عليك؟!.
قال: إن الله خلقني، فأحسن خلقي، وجعل منشأي ومولدي في الإسلام،



ص -111- وألسني العافية في أركاني، وستر عليّ ما أكره ذكره، فمن أعظم نعمة ممن أمسى في مثل ما أنا فيه؟.
فقلنا: رحمك الله، لعلك أن تقوم معي إلى منزلي، فأنا نزول على النهر هاهنا بإزائك.
قال: ولم؟.
قلت: لتصيب شيئا من الطعام، ونعطيك ما يغنيك عن لبس الحصير.
قال: ما لي في ذلك من حاجة.
فأبى أن يسير معي، فانصرفت وقد تقاصرت عندي نفسي ومقتها، وقلت: لم أخلّف بدمشق رجلا أكثر مني مالا، وأنا ألتمس الزيادة.
فقلت: اللهم إني أتوب إليك مما أنا فيه، فتبت ولم يعلم أحد بما اجتمعت عليه، فلما كان في السحر، رحل الناس، وقدّموا إليّ دابتي، فصرفتها إلى دمشق، وقلت: ما أنا بصادق في التوبة إن أنا مضيت إلى متجري، فسألني القوم فأخبرتهم، فعاتبوني على المشي معهم فأبيت.
فلما قدم على دمشق قال ناقل الحديث: فوضع يده في ماله وتصدق به، وفرّقه في سبيل الله، ولزم العبادة حتى توفي رضي الله عنه، فلما توفي لم يوجد عنده إلا قدر حق الكفن.
وأنشدوا:


ذكر الوعيد فطرفه لا يهجع وجفا الرّقاد فبان عنه المضجع

متفرّدا بغليله يشكو الذي منه الجوانح والحشا يتوجع

لما تيقّن صدق ما جاءت به الآيات صار إلى الإنابة يسرع

فجفا الأحبّة في محبّة ربّه وسما إليه بهمّة ما يقلع


ص -112- وتمتعت بوداده أعضاؤه إذ خصّها منه بودّ ينفع

كم في الظلام له إذا نام الورى من زفرة في إثرها يتوجّع

ويقول في دعواته يا سيدي العين يسعدها دموع رجع

إني فزعت إليك فارحم عبرتي وإليك من ذلّ الخطيئة أفزع

من ذا سواك يجيرني من زلتي يا من لعزته أذلّ وأخضع

فامنن عليّ بتوبة أحيا بها إني بما اجترمت يداي مروّع

قل التصبّر عنك يا من حبّه في الجارحات سقامه يتسرّع

كيف اصطبار متيّم في حبّه قدما لكاسات الهوى يتجرّع

لاحت وعن صدق المحبة ما بدت للناظرين نجوم ليل تطلع

ما الفوز إلا في محبّة سيده فيها المحبّ إذا تواضع يرفع

يروى أن قتادة بن النعمان الأنصاري رضي الله عنه كان من الرماة المذكورين، شهد بدرا وأحدا، ورميت يومئذ عينه، فسالت على خدّه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وهي في يده، فقال: ما هذه يا قتادة؟ قال: هذا ما ترى يا رسول الله، فقال له رسول الله: "إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت رددتها لك ودعوت الله لك فلم تفقد منها شيئا"، فقال: والله يا رسول الله إن الجنة لجزاء جزيل، وعطاء جليل، ولكني مبتلى بحب النساء، وأخاف إن يقلن: أعور فلا يردنني، ولكن أحبّ إن تردّها إليّ وتسأل الله لي الجنة، فقال: "أفعل ذلك يا قتادة" ثم أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وأعادها إلى موضعها، فعادت أحسن ما كانت، إلى إن مات ودعا الله له بالجنة صلى الله عليه وسلم.
قال: فدخل ابنه على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وهو خليفة فقال له عمر: من أنت يا فتى؟ فقال:


أنا ابن الذي سالت على الخدّ عينه فردّت بكف المصطفى أحسن ردا

فعادت كما كانت بأحسن حالها فيا حسن ما عين ويا حسن ما ردّ


ص -113- فقال عمر: بمثل هذا فليتوسل إليه المتوسلون، رضي الله عنه1.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر مناقب عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي.



________________________________________________
بحر الدموع - الفصل الخامس والعشرون 12107010_906912522734669_1561722651500059538_n
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى