منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات تعليمية

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات تعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
حمدي عبد الجليل
حمدي عبد الجليل
المشرف العام
المشرف العام
ذكر عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28261
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
نصائح الألباني الإمام الى الحُجاج الكرام 1393418480781

نصائح الألباني الإمام الى الحُجاج الكرام 140

نصائح الألباني الإمام الى الحُجاج الكرام Empty نصائح الألباني الإمام الى الحُجاج الكرام

الإثنين 13 مايو 2013, 13:10
نصائح
الألباني الإمام الى الحُجاج الكرام



قال الشيخ
محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله- في مقدمة كتابه الماتع [حجة النبي صلى الله
عليه وسلم كما رواها عنه جابر رضي الله عنه ] ... : " وعندي بعض النصائح أريد أن
أقدمها إلى القراء الكرام والحجاج إلى بيت الله الحرام عسى الله تبارك وتعالى أن
ينفعهم بها ويكتب لي أجر الدال على الخير بإذنه إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة
جدير .
ومما لا ريب فيه أن باب النصيحة واسع جدا ولذلك فإني سأنتقي منه ما أعلم
أن كثيرا من الحجاج في جهل به أو إهمال له أسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا
ويوفقنا للعمل به فإنه خير مسؤول

أولا : إن كثيرا من الحجاج إذا أحرموا
بالحج لا يشعرون أبدا أنهم تلبسوا بعبادة تفرض عليهم الابتعاد عما حرم الله تعالى
من المحرمات عليهم خاصة وعلى كل مسلم عامة وكذا تراهم يحجون ويفرغون منه ولم يتغير
شيء من سلوكهم المنحرف قبل الحج وذلك دليل عملي منهم على أن حجهم ليس كاملا إن لم
نقل : ليس مقبولا . ولذلك فإن على كل حاج أن يتذكر هذا وأن يحرص جهد طاقته أن لا
يقع فيما حرم الله عليه من الفسق والمعاصي فإن الله تبارك وتعالى يقول : ( الحج
أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) - البقرة :
197. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه
كيوم ولدته أمه ) أخرجه . الشيخان والرفث : هو الجماع .
قال شيخ الإسلام ابن
تيمية Sad وليس في المحظورات ما يفسد الحج إلا جنس الرفث فلهذا ميز بينه وبين الفسوق
وأما سائر المحظورات كاللباس والطيب فإنه وإن كان يأثم بها فلا تفسد الحج عند أحد
من الأئمة المشهورين ) .
وهو يشير في آخر كلامه إلى أن هناك من العلماء من يقول
بفساد الحج بأي معصية يرتكبها الحاج فمن هؤلاء الإمام ابن حزم رحمه الله فإنه يقول
:
( وكل من تعمد معصية أي معصية كانت وهو ذاكر لحجه مذ أن يتم طوافه بالبيت
للإفاضة ويرمي الجمرة فقد بطل حجه . . . ) واحتج بالآية السابقة فراجعه فإنه مهم في
كتابه ( المحلى ) ( 7/186 )
ومما سبق يتبن أن المعصية من الحاج إما أن تفسد
عليه حجه على قول ابن حزم وإما أن يأثم بها ولكن هذا الإثم ليس كما لو صدر من غير
الحاج بل هو أخطر بكثير فإن من آثاره أن لا يرجع من ذنوبه كما ولدته أمه كما صرح
بذلك الحديث المتقدم . فبذلك يكون كما لو خسر حجته لأنه لم يحصل على الثمرة منها
وهي مغفرة الله تعالى فالله المستعان .
وإذا تبين هذا فلا بد لي من أن أحذر من
بعض المعاصي التي يكثر ابتلاء الناس بها ويحرمون بالحج ولا يشعرون إطلاقا بأن عليهم
الإقلاع عنها ذلك لجهلهم وغلبة الغفلة عليهم وتقليدهم لآبائهم

1: - الشرك
بالله عز وجل .

فإن من أكبر المصائب التي أصيب بها بعض المسلمين جهلهم
بحقيقة الشرك الذي هو من أكبر الكبائر ومن صفته أنه يحبط الأعمال ( لئن أشركت
ليحبطن عملك ) - محمد : 65 فقد رأينا كثيرا من الحجاج يقعون في الشرك وهم في بيت
الله الحرام وفي مسجد النبي عليه الصلاة والسلام يتركون دعاء الله والاستغاثة به
إلى الاستعانة بالأنبياء بالصالحين ويحلفون بهم ويدعونهم من دون الله عز وجل والله
عز وجل يقول : ( إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم
القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ) - فاطر :41 والآيات في هذا المعنى
كثيرة جدا وفي هذه كفاية لمن فتح قلبه للهداية . إذ ليس الغرض الآن البحث العمي في
هذه المسألة وإنما هو التذكير فقط
فليت شعري ما ذا يستفيد هؤلاء من حجهم إلى
بيت الله الحرام إذا كانوا يصرون على مثل هذا الشرك ويغيرون اسمه فيسمونه : توسلا
تشفعا وواسطة أليس هذه الوساطة هي التي ادعاها المشركون من قبيل يبررون بها شركهم
وعبادتهم لغيره تبارك وتعالى : ( والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا
ليقربونا إلى الله زلفى ) - الزمر :3 .
فيا أيها الحاج قبل أن تعزم على الحج يجب
عليك وجوبا عينيا أن تبادر إلى معرفة التوحيد الخالص وما ينافيه من الشرك وذلك
بدراسة كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فإن من تمسك بهما نجا ومن حاد عنهما
ضل . والله المستعان .

2: - التزين بحلق اللحية

وهذه المعصية من
أكثر المعاصي شيوعا بين المسلمين في هذا العصر بسبب استيلاء الكفار على أكثر بلادهم
ونقلهم هذه المعصية إليها وتقليد المسلمين لهم فيها مع نهيه صلى الله عليه وسلم
إياهم عن ذلك صراحة في قوله عليه الصلاة والسلام: ( خالفوا المشركين احفوا الشوارب
وأوفوا اللحى ) رواه شيخان وفي . حديث آخر : ( وخالفوا أهل الكتاب ) .
وفي هذه
القبيحة عدة مخالفات :
الأولى : مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم الصريح بالإعفاء
.
الثانية : التشبه بالكفار .
الثالثة : تغير خلق الله الذي فيه طاعة الشيطان
في قوله كما حكى الله تعالى ذلك عنه : ( ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ) .
الرابعة
: التشبه بالنساء وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك . وانظر تفصيل
هذا الإجمال في كتابنا ( آداب الزفاف في السنة المطهرة ) ( ص 131 - 126 )
وإن
من المشاهدات التي يراها الحريص على دينه أن جماهير من الحجاج يكونون قد وفروا
لحاهم بسبب إحرامهم فإذا تحللوا منه فبدل أن يحلقوا رؤوسهم كما ندب إليه رسول الله
صلى الله عليه وسلم حلقوا لحاهم التي أمرهم صلى الله عليه وسلم بإغفائها . فإنا لله
وإنا إليه راجعون

3: - تختم الرجال بالذهب .

لقد رأينا كثيرا من
الحجاج قد تزينوا بخاتم الذهب ولدى البحث معهم في ذلك
تبين أنهم على ثلاثة
أنواع :
بعضهم لا يعلم تحريمه ولذلك كان يسارع إلى مزعه بعد أن نذكر له شيئا من
النصوص المحرمة كحديث ( نهى صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب ) متفق عليه وقوله
صلى الله عليه وسلم
( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده ؟ ) رواه مسلم


وبعضهم على علم بالتحريم ولكنه متبع لهواه فهذا لا حيلة لنا فيه إلا أن
يهديه الله وبعضهم يعترف بالتحريم ولكن يعتذر هو كما يقال أقبح من ذنب - فيقول :
إنه خاتم الخطبة . ولا يدري المسكين
أنه بذلك يجمع بين معصيتين : مخالفة نهيه
صلى الله عليه وسلم الصريح كما تقدم وتشبه بالكفار لأن خاتم الخطبة لم يكن معروفا
عند المسلمين إلى ما قبل هذا العصر ثم سرت هذه العادة إليهم من تقاليد النصارى
.
وقد فصلت القول في هذه المسألة في ( آداب الزفاف ) أيضا ( ص 138 - 139 وبينت
فيه أن النهي المذكور يشمل النساء أيضا خلافا للجمهور فراجع ( ص 168 - 139) فإنه
مهم جدا .

ثانيا : ننصح لكل من أراد الحج أن يدرس مناسك الحج على ضوء الكتاب
والسنة قبل أن يباشر أعمال الحج ليكون تاما مقبولا عند الله تبارك وتعالى .

وإنما قلت : على الكتاب والسنة لأن المناسك قد وقع فيها من الخلاف - مع الأسف -
ما وقع في سائر العبادات من ذلك مثلا : هل الأفضل أن ينوي في حجه التمتع أم القران
أم الإفراد ؟ على ثلاثة مذاهب والذي نراه من ذلك إنما هو التمتع فقط كما هو مذهب
الإمام أحمد وغيره بل ذهب بعض العلماء المحققين إلى وجوبه إذا لم يسق معه الهدي
منهم ابن حزم وابن القيم تبعا لابن عباس وغيره من السلف وتجد تفصيل القول في ذلك في
كتاب ( المحلى ) و( زاد المعاد ) وغيرهما .
ولست أريد الآن الخوض في هذه
المسألة بتفصيل وإنما أريد أن أذكر بكلمة قصيرة تنفع إن شاء الله تعالى من كان
مخلصا وغايته اتباع الحق وليس تقليد الآباء أو المذهب فأقول :
لا شك أن الحج
كان في أول استئنافه صلى الله عليه وسلم إياه جائزا بأنواعه الثلاثة المتقدمة وكذلك
كان أصحابه صلى الله عليه وسلم منهم المتمتع ومنهم القارن ومنهم المفرد لأنه صلى
الله عليه وسلم خيرهم في ذلك كما في حديث عائشة رضي الله عنها :
( خرجنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من أرد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ومن أراد
أن يهل بحج فليهل ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل . . . ) الحديث رواه مسلم .
وكان
هذا التخيير في أول إحرامهم عند الشجرة [ 1] كما في رواية لأحمد ( 6/245 ) ولكن
النبي صلى الله عليه وسلم لم يستمر على هذا التخيير بل نقلهم إلى ما هو أفضل وهو
التمتع دون أن يعزم بذلك عليهم أو يأمرهم به وذلك في مناسبات شتى في طريقهم إلى مكة
فمن ذلك حينما وصلوا إلى ( سرف ) وهو موضع قريب من التنعيم وهو من مكة على نحو عشرة
أميال فقالت عائشة في رواية عنها :
( . . . فنزلنا سرف فقال النبي صلى الله
عليه وسلم لأصحابه : من لم يكن معه هدي فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل ومن كان معه هدي
فلا . قالت : فالآخذ بها والتارك لها من أصحابه [ ممن لم يكن معه هدي ] . . . )
الحديث متفق عليه والزيادة لمسلم .
ومن ذلك لما وصل صلى الله عليه وسلم إلى (
ذي طوى ) وهو موضع قريب من مكة وبات بها فلما صلى الصبح قال لهم :
( صحيح ) (
من شاء أن يجعلها عمرة فليجعلها عمرة ) أخرجه الشيخان من حديث ابن عباس ولكنا
رأيناه صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة وطاف هو وأصحابه طواف القدوم لم يدعهم على
الحكم السابق وهو الأفضلية بل نقلهم إلى حكم جديد وهو الوجوب فإنه أمر من كان لم
يسق الهدي منهم أن يفسخ الحج إلى عمرة ويتحلل فقالت عائشة رضي الله عنها :
(
خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ولا نرى إلا أنه الحج فلما قدمنا مكة تطوفنا
بالبيت فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من لم يكن ساق الهدي أن يحل قالت : فحل من لم
يكن ساق الهدي ونساؤه لم يسقن فأحللن . . . ) الحديث متفق عليه وعن ابن عباس نحوه
بلفظ :
( فأمرهم أن يجعلوها عمرة فتعاظم ذلك عندهم فقالوا : يا رسول الله أي
الحل ؟ قال : الحل كله ) متفق عليه . وفي حديث جابر نحوه وأوضح منه كما يأتي فقرة (
33 - 45 ) .
قلت : فمن تأمل في هذه الأحاديث الصحيحة تبين له بيانا لا يشوبه
ريب أن التخيير الوارد فيها إنما كان منه صلى الله عليه وسلم لإعداد النفوس
وتهيئتها لتقبل حكم جديد قد يصعب ولو على البعض تقبله بسهولة لأول وهلة ألا وهو
الأمر بفسخ الحج إلى العمرة لا سيما وقد كانوا في الجاهلية - كما هو ثابت في (
الصحيحين ) - يرون أن العمرة لا تجوز في أشهر الحج وهذا الرأي وإن كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم قد أبطله باعتماره صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات في ثلاث سنوات
كلها في شهر ذي القعدة فهذا وحده وإن كان كافيا في إبطال تلك البدعة الجاهلية فإنه
ولا قرينة هنا بل لا يكفي - والله أعلم - لإعداد النفوس لتقبل الحكم الجديد فلذلك
مهد له صلى الله عليه وسلم بتخييرهم بين الحج والعمرة مع بيان ما هو الأفضل لهم ثم
أتبع ذلك بالأمر الجازم بفسخ الحج إلى العمرة كما تقدم .

فإذا عرفنا ذلك
فهذا الأمر للوجوب قطعا ويدل على ذلك الأمور التالية :
الأول : أن الأصل فيه
الوجوب إلا لقرينة ولا قرينة هنا بل والقرينة هنا تؤكده وهي الأمر التالي وهو :

الثاني : أنه صلى الله عليه وسلم لما أمرهم تعاظم عندهم كما تقدم آنفا ولو لم
يكن للوجوب لم يتعاظموه ألم تر أنه صلى الله عليه وسلم قد أمرهم من قبل ثلاث مرات
أمر تخيير ومع ذلك لم يتعاظموه فدل على أنهم فهموا من الأمر الوجوب وهو المقصود .

الثالث : أن في رواية في حديث عائشة رضي الله عنها قالت :
( . . . فدخل علي
وهو غضبان فقلت : من أغضبك يا رسول الله أدخله الله النار قال : أوما شعرت أني أمرت
الناس بأمر فإذا هم يترددون ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي معي
حتى أشتريه ثم أحل كما حلوا ) . رواه مسلم والبيهقي وأحمد ( 6/175 ) .
ففي غضبه
صلى الله عليه وسلم دليل واضح على أن أمره كان للوجوب لا سيما وأن غضبه صلى الله
عليه وسلم إنما كان لترددهم لا من أجل امتناعهم من تنفيذ الأمر وحاشاهم من ذلك
ولذلك حلوا جميعا إلا من كان معه هدي كما يأتي في الفقرة ( 44 ) .
الرابع :
قوله صلى الله عليه وسلم : لما سألوه عن الفسخ الذي أمرهم به :
( ألعامنا هذا
أم لأبد الأبد ؟ ) فشبك صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في أخرى وقال :
( دخلت
العمرة في الحج إلى يوم القيامة لا بل لأبد أبد لا بل لأبد أبد ) . كما يأتي في
الفقرة ( 24 ) .
فهذا نص صريح على أن العمرة أصبحت جزءا من الحج لا يتجزأ وأن
هذا الحكم ليس خاصا بالصحابة كما يظن البعض بل هو مستمر إلى الأبد . [2]
خامسا :
أن الأمر لو لم يكن للوجوب لكفى أن ينفذه بعض الصحابة فكيف وقد رأينا رسول الله صلى
الله عليه وسلم لا يكتفي بأمر الناس بالفسخ أمرا عاما فهو تارة يأمر بذلك ابنته
فاطمة رضي الله عنها كما يأتي ( فقرة 48 ) وتارة يأمر به أزواجه كما في ( الصحيحين
) عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أزواجه أن يحللن عام حجة الوداع قالت
حفصة : فقلت : ما يمنعك أن تحل ؟ قال : ( إني لبدت رأسي . . . ) الحديث . ولما جاء
أبو موسى من اليمن حاجا قال له صلى الله عليه وسلم : ( بم أهللت ) ؟ قال : أهللت
بإهلال النبي صلى الله عليه وسلم قال : هل سقت من الهدي ؟ قال : لا. قال : ( فطف
بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل . . . ) الحديث .
فهل هذا الحرص الشديد من النبي
صلى الله عليه وسلم على تبليغ أمره بالفسخ إلى كل مكلف لا يدل على الوجوب ؟ اللهم
إن الوجوب ليثبت بأدنى من هذا .
ولوضوح هذه الأدلة الدالة على وجوب الفسخ بله
التمتع لم يسع المخالفين لها إلا التسليم بدلالتها ثم اختلفوا في الإجابة عنها
فبعضهم ادعى خصوصية ذلك بالصحابة وقد عرفت بطلان ذلك مما سبق .
وبعضهم ادعى
نسخه ولكنهم لم يستطيعوا أن يذكروا ولو دليلا واحدا يحسن ذكره والرد عليه اللهم إلا
نهي عمر رضي الله عنه وكذا عثمان وابن الزبير كما في ( الصحيحين ) وغيرهما .

والجواب من وجوه :
الأول : أن الذين يحتجون بهذا النهي عن المتعة لا يقولون
به لأن من مذهبهم جوازها فما كان جوابهم عنه فهو جوابنا .
الثاني : أن هذا
النهي قد أنكره جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم علي وعمران بن حصين
وابن عباس وغيرهم .
الثالث : أنه رأي مخالف للكتاب فضلا عن السنة قال الله
تعالى : ( فمن تمتع بالعمر إلى الحج فما استيسر من الهدي ) البقرة : 196 . وقد أشار
إلى هذا المعنى عمران بن حصين رضي الله عنه بقوله :
( قال تمتعنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم ولم ينزل فيه القرآن ( وفي رواية : نزلت آية المتعة في كتاب
الله - يعني متعة الحج - وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم .ثم لم تنزل آية
تنسخ آية متعة الحج ,و لم ينه عنها رسول الله صلى الله عيه و سلم حتى مات ) قال رجل
برأيه بعد ما شاء ) . رواه مسلم .
وقد صرح عمر رضي الله عنه بمشروعية التمتع
وأن نهيه عنه أو كراهته له إنما هو رأي رآه لعلة بدت له فقال :
( قد علمت أن
النبي صلى الله عليه وسلم قد فعله وأصحابه ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن[3] في
الأراك[4] ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم ) رواه مسلم وأحمد .
ومن الأمور التي
تستلفت نظر الباحث أن هذه العلة التي اعتمدها عمر رضي الله عنه في كراهته التمتع هي
عينها التي تذرع بها الصحابة الذين لم يبادروا إلى تنفيذ أمره صلى الله عليه وسلم
بالفسخ في ترك المبادرة فقالوا :
( خرجنا حجاجا لا نريد إلا الحج حتى إذا لم
يكن بيننا وبين عرفة إلا أربع ليال أمرنا أن نفضي إلى نسائنا فنأتي عرفة تقطر
مذاكيرنا المني من النساء . . . ) انظر الفقرة ( 40 ) وقد رد النبي صلى الله عليه
وسلم ذلك بقوله : ( أبالله تعلموني أيها الناس ؟ قد علمتم أني أتقاكم لله وأصدقكم
وأبركم افعلوا ما آمركم به فإني لو لا هديي لحللت كما تحلون ) ( فقرة 42 ) .

فهذا يبين لنا أن عمر رضي الله عنه لو استحضر حين كره للناس التمتع قول الصحابة
هذا الذي هو مثل قوله وتذكر معه رد النبي صلى الله عليه وسلم عليهم لما كره ذلك
ونهى الناس عنه .
وفي هذا دليل على أن الصحابي الجليل قد تخفى عليه سنة من سنن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قول من أقواله فيجتهد برأيه فيخطئ وهو مع ذلك
مأجور غير مأزور والعصمة لله وحده ثم لرسوله .
وقد يقول قائل : إن ما ذكرته من
الأدلة على وجوب التمتع وعلى رد ما يخالفه واضح مقبول ولكن يشكل عليه ما يذكره
البعض أن الخلفاء الراشدين جميعا كانوا يفردون الحج , فكيف التوفيق بين هذا و بين
ما ذكرت ؟
والجواب : أنه سبق أن بينا أن التمتع إنما يجب على من لم يسق الهدي
وأما من ساق الهدي فلا يجب عليه ذلك بل لا يجوز له وإنما عليه أن يقرن وهو الأفضل
وأو يفرد فيحتمل أن ما ذكر عن الخلفاء من الإفراد إنما هو لأنهم كانوا ساقوا الهدي
. وحينئذ فلا منافاة والحمد لله .
وخلاصة القول : أن على كل من أراد الحج أن
يلبي عند إحرامه بالعمرة ثم يتحلل منها بعد فراغه من السعي بين الصفا والمروة بقص
شعره . وفي اليوم الثامن من ذي الحجة يحرم بالحج فمن كان لبى بالقران أو الحج
المفرد فعليه أن يفسخ ذلك بالعمرة إطاعة لنبيه صلى الله عليه وسلم والله عز وجل
يقول : ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) - النساء : 80 وعلى المتمتع بعد ذلك أن
يقدم هديا يوم النحر أو في أيام التشريق وهو من تمام النسك وهو دم شكران وليس دم
جبران وهو - كما قال ابن القيم - بمنزلة الأضحية للمقيم وهو من تمام عبادة هذا
اليوم فالنسك المشتمل على الدم بمنزلة العيد المشتمل على الأضحية وهو من أفضل
الأعمال فقد جاء من طرق أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل : أي الأعمال أفضل ؟
(
العج والثج ) وصححه ابن خزيمة والحاكم والذهبي وحسنه المنذري والعج رفع الصوت
بالتلبية والثج إراقة دم الهدي . وعليه أن يأكل من هديه كما فعل رسول الله صلى الله
عليه وسلم على ما يأتي بيانه ( فقرة 90 ) ولقوله عز وجل فيما يذبح من الهدي في منى
( فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ) - الحج : 28 .
وقد اتصلنا بكثير من
الحجاج فعرفنا منهم أنهم مع كونهم يعلمون أن التمتع أفضل من الإفراد فكانوا يفردون
ثم يأتون بالعمرة بعد الحج من التنعيم وذلك لئلا يلزمهم الهدي.
وفي هذا من
المخالفة للشارع الحكيم والاحتيال على شرعه ما لا يخفى فساده فإن الله بحكمته شرع
العمرة قبل الحج وهم يعكسون ذلك وأوجب على المتمتع هديا وهم يفرون منه وليس ذلك من
عمل المتقين ثم هم يطمعون أن يتقبل الله حجهم وأن يغفر ذنبهم هيهات هيهات ف ( إنما
يتقبل الله من المتقين ) - المائدة : 27 وليس من البخلاء المحتالين .
فكن أيها
الحاج متقيا لربك متبعا لسنة نبيك في مناسكك عسى أن ترجع من ذنوبك كيوم ولدتك أمك .


ثالثا : واحذر يا أخي أن تدع البيات في منى ليلة عرفة وكذا البيات في
المزدلفة ليلة النحر فذلك من هدي نبيك صلى الله عليه وسلم لا سيما و البيات في
المزدلفة حتى الصبح ركن من أركان الحج على الراجح من أقوال أهل العلم . ولا تغتر
بما يزخرف لك من القول بعض من يسمون ب ( المطوفين ) فإنهم لا هم لهم إلا قبض الفلوس
وتقليل العمل الذي أخذوا عليه الأجر كافيا وافيا على أدائه بتمامه وسواء عليهم بعد
ذلك أتم حجك أم نقص أتبعت سنة نبيك أم خالفت ؟
رابعا : واحذر أيضا يا أخي من أن
تمر بين يدي أحد من المصلين في المسجد الحرام وفي غيره من المساجد لقوله صلى الله
عليه وسلم :
( لو يعلم المار بين يدي المصلي ما ذا عليه لكان أن يقف أربعين
خيرا له من أن يمر بين يديه ) . قال الراوي : لا أدري قال : أربعين يوما أو شهرا أو
سنة . رواه الشيخان في ( صحيحيهما ) . وكما لا يجوز لك هذا فلا يجوز لك أيضا أن
تصلي إلى غير سترة بل عليك أن تصلي إلى أي شيء يمنع الناس من المرور بين يديك . فإن
أراد أحد أن يجتاز بينك وبين سترتك فعليك أن تمنعه . وفي ذلك أحاديث وآثار أذكر
بعضها :
1 ( إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبالي من مر من
وراء ذلك ) .
2 إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين
يديه فليدفع في نحره وليدرأ ما استطاع فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان ) . (5) . )

3 - قال يحيى بن كثير :
( صحيح ) ( رأيت أنس بن مالك دخل المسجد الحرام
فركز شيئا أو هيأ شيئا يصلي إليه ) . رواه ابن سعد ( 7/18 ) بسند صحيح .
4 - عن
صالح بن كيسان قال :
( رأيت ابن عمر يصلي في الكعبة ولا يدع أحدا يمر بين يديه
) . رواه أبو زرعة الرازي في ( تاريخ دمشق ) ( 91/1 ) (6) وكذا ابن عساكر في (
تاريخ دمشق ) ( 8/106/2 ) بسند صحيح .
ففي الحديث الأول إيجاب اتخاذ السترة
وأنه إذا فعل ذلك فلا يضره من مر وراءها .
وفي الحديث الثاني : إيجاب دفع المار
بين يدي المصلي إذا كان يصلي إلى السترة وتحريم المرور عمدا وأن فاعل ذلك شيطان .

وليت شعري ما هو الكسب الذي يعود به الحاج إذا رجع وقد استحق هذا الاسم : (
الشيطان ) ؟
والحديثان وما في معناهما مطلقان لا يختصان بمسجد دون مسجد ولا
بمكان دوم مكان فهما يشملان المسجد الحرام والمسجد النبوي من باب أولى لأن هذه
الأحاديث إنما قالها صلى الله عليه وسلم في مسجده فهو المراد بها أصالة والمساجد
الأخرى تبعا . والأثران المذكوران نصان صريحان على أن المسجد الحرام داخل في تلك
الأحاديث فما يقال من بعض المطوفين وغيرهم أن المسجد المكي والمسجد النبوي مستثنيان
من النهي لا أصل له في السنة ولا عن أحد من الصحابة اللهم سوى حديث واحد روي في
المسجد المكي لا يصح إسناده ولا دلالة فيه على الدعوى كما سيأتي بيانه في ( بدع
الحج ) ( الفقرة 124 ) .
خامسا : وعلى أهل العلم والفضل أن يغتنموا فرصة
التقائهم بالحجاج في المسجد الحرام وغيره من المواطن المقدسة فيعلموهم ما يلزم من
مناسك الحج وأحكامه على وفق الكتابة السنة وأن لا يشغلهم ذلك عن الدعوة إلى أصل
الإسلام الذي من أجله بعثت الرسل وأنزلت الكتب ألا وهو التوحيد فإن أكثر من لقيناهم
حتى ممن ينتمي إلى العلم وجدناهم في جهل بالغ بحقيقة التوحيد وما ينافيه من
الشركيات والوثنيات كما أنهم في غفلة تامة عن ضرورة رجوع المسلمين على اختلاف
مذاهبهم وكثرة أحزابهم إلى العمل الثابت في الكتاب والسنة في العقائد والأحكام
والمعاملات والأخلاق والسياسة والاقتصاد وغير ذلك من شؤون الحياة وأن أي صوت يرتفع
وأي إصلاح يزعم على غير هذا الأصل القويم والصراط المستقيم فسوف لا يجني المسلمون
منه إلا ذلا وضعفا والواقع أكبر شاهد على ذلك والله المستعان .
وقد تتطلب
الدعوة إلى ما سبق شيئا قليلا أو كثيرا من الجدال بالتي هي أحسن كما قال الله عز
وجل : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) - النحل
: 125 . فلا يصدنك عن ذلك معارضة الجهلة بقوله تعالى : ( . . . فلا رفث ولا فسوق
ولا جدال في الحج ) - البقرة : 196 . فإن الجدال المنهي عنه في الحج هو كالفسق
المنهي عنه في غير الحج أيضا وهو الجدال بالباطل وهو غير الجدال المأمور به في آية
الدعوة قال ابن حزم رحمه الله ( 7/196 ) :
( والجدال قسمان : قسم واجب وحق وقسم
في باطل فالذي في الحق واجب في الإحرام وغير الإحرام قال تعالى : ( ادع إلى سبيل
ربك . . . ) ومن جادل في طلب حق له فقد دعا إلى سبيل ربه تعالى وسعى في إظهار الحق
والمنع من الباطل وهكذا كل من جادل في حق لغيره أو لله تعالى والجدال بالباطل وفي
الباطل عمدا ذاكرا لإحرامه مبطل للإحرام وللحج لقوله تعالى : ( فلا رفث ولا فسوق
ولا جدال في الحج ) البقرة : 196 ) .
وهذا كله على أن ( الجدال ) في الآية
بمعنى المخاصمة والملاحاة حتى تغضب صاحبك . وقد ذهب إلى هذا المعنى جماعة من السلف
وعزاه ابن قدامة في ( المغني ) ( 3/296 ) إلى الجمهور ورجحه . وهناك في تفسيره قول
آخر : وهو المجادلة في وقت الحج ومناسكه واختاره ابن جرير ثم ابن تيمية في ( مجموعة
الرسائل الكبرى ) ( 2/361 ) وعلى هذا فالآية غير واردة فيما نحن فيه أصلا . والله
أعلم .
ومع ذلك فإنه ينبغي أن يلاحظ الداعية أنه إذا تبين له أنه لا جدوى من
المجادلة مع المخالفة له لتعصبه لرأيه وأنه إذا صابره على الجدل فلربما ترتب عليه
ما لا يجوز فمن الخير له حينئذ أن يدع الجدال معه لقوله صلى الله عليه وسلم :
(
أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ) . رواه أبو داود بسند
حسن عن أبي أمامة وللترمذي نحوه من حديث أنس وحسنه .
وفقنا الله والمسلمين
لمعرفة سنة نبيه صلى الله عليه وسلم واتباع هديه .

وهذه الأمور يتحرج منها
بعض الحجاج وهي جائزة :
1 - الاغتسال لغير احتلام ودلك الرأس ففي ( الصحيحين )
وغيرهما :
عن عبد الله بن حنين عن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة
أنهمااختلفا بالأبواء فقال عبد الله بن عباس : يغسل المحرم رأسه وقال المسور : لا
يغسل المحرم رأسه فأرسلني ا بن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري أسأله عن ذلك فوجدته
يغتسل بين القرنين وهو يستتر بثوب فسلمت عليه فقال : من هذا ؟ فقلت : أنا عبد الله
بن حنين أرسلني إليك عبد الله بن عباس أسألك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يغسل رأسه وهو محرم ؟ فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه ثم قال
لإنسان يصب عليه : اصبب فصب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر وقال :
هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل . زاد مسلم : ( فقال المسور لابن عباس : لا
أماريك أبدا ) .
وروى البيهقي بسند صحيح عن ابن عباس قال :
( ربما قال لي
عمر بن الخطاب رضي الله عنه : تعال أباقيك في الماء أينا أطول نفسا ونحن محرمون ) .

وعن عبد الله بن عمر ( أن عاصم بن عمر وعبد الرحمن بن زيد وقعا في البحر
يتمالقان ( يتغاطسان ) يغيب أحدهما رأس صاحبه وعمر ينظر إليهما فلم ينكر ذلك عليهما
) .
2 - حك الرأس ولو سقط بعض الشعر وحديث أبي أيوب المتقدم آنفا دليل عليه
وروى مالك ( 1/358/92 ) عن أم علقمة بن أبي علقمة أنها قالت :
سمعت عائشة زوج
النبي صلى الله عليه وسلم تسأل عن المحرم : أيحك جسده ؟ فقالت : نعم فليحكه وليشدد
ولو ربطت يداي ولم أجد إلا رجلي لحككت . وسنده حسن في الشواهد .
قال شيخ
الإسلام ابن تيمية في ( المجموعة الكبرى ) ( 2/368 ) :
وله أن يحك بدنه إذا حكه
وكذلك إذا اغتسل وسقط شيء من شعره بذلك لم يضره ) .
3 - الاحتجام ولو بحلق
الشعر مكان الحجم لحديث ابن بحينة رضي الله عنه قال :
( احتجم النبي صلى الله
عليه وسلم وهو محرم ب ( لحي جمل ) - موضع بطريق مكة - في وسط رأسه ) . متفق عليه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ( مناسكه ) ( 2/338 ) :
( وله أن يحك بدنه
إذا حكه ويحتجم فى رأسه وغير رأسه وإن احتاج أن يحلق شعرا لذلك جاز فإنه قد ثبت في
( ثم ساق هذا الحديث ثم قال ) ولا يمكن ذلك إلا مع حلق بعض الشعر وكذلك إذا اغتسل
وسقط شيء من شعره بذلك لم يضره وإن تيقن أنه انقطع بالغسل ) .
وهذا مذهب
الحنابلة كما في ( المغني ) ( 3/306 ) ولكنه قال : ( وعليه الفدية ) .
وبه قال
مالك وغيره . ورده ابن حزم بقوله : ( 7/257 ) عقب هذا الحديث :
( لم يخبر عليه
السلام أن في ذلك غرامة ولا فدية ولو وجبت لما أغفل ذلك وكان عليه السلام كثير
الشعر أفرع (7) وإنما نهينا عن حلق الرأس في الإحرام ) .
4 - شم الريحان وطرح
الظفر إذا انكسر . قال ابن عباس رضي الله عنه :
( المحرم يدخل الحمام وينزع
ضرسه ويشم الريحان وإذا انكسر ظفره طرحه ويقول : أميطوا عنكم الأذى فإن الله عز وجل
لا يصنع بأذاكم شيئا ) .
رواه البيهقي ( 5/62 - 63 ) بسند صحيح . وإلى هذا ذهب
ابن حزم ( 7/246 ) وروى مالك عن محمد بن عبد الله بن أبي مريم أنه سأل سعيد بن
المسيب عن ظفر له انكسر وهو محرم ؟ فقال سعيد : اقطعه .
5 - الاستظلال بالخيمة
أو المظلة ( الشمسية ) وفي السيارة ورفع سقفها من بعض الطوائف تشدد وتنطع في الدين
ولم يأذن به رب العالمين . فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بنصب القبة له ب
( نمرة ) ثم نزل بها كما سيأتي في الكتاب فقرة ( 57 - 58 ) وعن أم الحصين رضي الله
عنه قالت :
( حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت أسامة
وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقته والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة
العقبة ) .
وأما ما روى البيهقي عن نافع قال :
( أبصر بن عمر رضي الله عنه
رجلا على بعيره وهو محرم قد استظل بينه وبين الشمس فقال له : ضح لمن أحرمت له ) .

وفي رواية من طريق أخرى أنه رأى عبد الله بن أبي ربيعة جعل على وسط راحلته عودا
وجعل ثوبا يستظل به من الشمس وهو محرم فلقيه ابن عمر فنهاه ) .
قلت : فلعل ابن
عمر رضي الله عنه لم يبلغه حديث أم الحصين المذكور وإلا فما أنكره هو عين ما فعله
رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك قال البيهقي :
هذا موقوف وحديث أم الحصين
صحيح ) . يعني فهو أولى بالأخذ به وترجمه له بقوله :
( باب المحرم يستظل بما
شاء ما لم يمس رأسه ) . (Cool
6 - وله أن يشد المنطقة والحزام على إزاره وله أن
يعقده عند الحاجة وأن يتختم وأن يلبس ساعة اليد ويضع النظارة لعدم النهي عن ذلك
وورد بعض الآثار بجواز شيء من ذلك .
فعن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن
الهيمان للمحرم ؟ فقالت : وما بأس ؟ ليستوثق من نفقته . وسنده صحيح . وعن عطاء :
يتختم - يعني المحرم - ويلبس الهيمان . رواه البخاري تعليقا .
قلت : ولا يخفى
أن الساعة والنظارة في معنى الخاتم والمنطقة مع عدم ورود ما ينهى عنهما ( وما كان
ربك نسيا ) مريم : 64 .
يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكبروا الله
على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) .

دمشق في 15 شوال 1384 هـ .
محمد ناصر
الدين الألباني .






[b]
1) أي عند
ذي الحليفة . .
2) وقد رددنا على القائلين بالخصوصية في التعليق على الفقرة
المشار إليها من الكتاب الصفحة ( 63 .
3) أي ملمين بنسائهم . .
4) أي في حجر
الأراك كناية عن التستر به وهو شجر من الحمض يستاك به . وهو أيضا موضع بعرفة وليس
مرادا هنا خلافا لبعض المعلقين على مسلم فإن الحجاج في هذا الموضع يكونون محرمين لا
يجوز لهم وطأ نسائهم . .
5) حديثان صحيحان مخرجان في " صفة الصلاة " لنا ( 51 /
53 الطبعة الثالثة .
6) وهو تحت الطبع في مطابع المكتب الإسلامي . .
7)
الأفرع : التام من الشعر . .
Cool قلت : فقول شيخ الإسلام : " والأفضل للمحرم أن
يضحي لمن أحرم له كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يحجون " فيه نظر بين لا
يخفى على القارئ ..
[/b]

________________________________________________
نصائح الألباني الإمام الى الحُجاج الكرام 12107010_906912522734669_1561722651500059538_n
حمدي عبد الجليل
حمدي عبد الجليل
المشرف العام
المشرف العام
ذكر عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28261
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
نصائح الألباني الإمام الى الحُجاج الكرام 1393418480781

نصائح الألباني الإمام الى الحُجاج الكرام 140

نصائح الألباني الإمام الى الحُجاج الكرام Empty رد: نصائح الألباني الإمام الى الحُجاج الكرام

الإثنين 13 مايو 2013, 13:19
حول الحج
والعمرة





للشيخ محمد ناصر الدين
الألباني




[b]كنت وقفت على
مقال " حول الحج والعمرة " للأستاذ الشيخ حمدي الجويجاتي ، في الأجزاء (5-Cool من
المجلد الحالي لهذه المجلة الزاهرة (*) رد فيه علي ، فلم أنشط للرد عليه ، اكتفاءً
بما هو واضح في مقالي الذي انتقدته ، ولكن شاع في بعض ( الأوساط ) أن سكوتي دليل أن
الحق مع الشيخ ، وليست الحال كذلك ، وإلا فإني أرحب بكل نقد على أن يكون حقاً ،
وألح علي بعض الإخوان بضرورة الرد ، فرأيت موافقتهم وأرجو أن ينفع الله به من فتح
قلبه للحق .

إن رد الشيخ الجويجاتي ينحصر في نقطتين أساسيتين ، ثم بنقطة
ثالثة ، أما ما جاء في تضاعيف كلامه فأضرب عنه صفحاً ، فأمره يطول وللمجلة نطاق
محدود :

النقطة الأولى : زعمه أننا خالفنا بما ذهبنا إليه سنة الخلفاء
الراشدين.
النقطة الثانية : وأنه لم يقل بذلك أحد من علماء المسلمين ( يعني أننا
خرقنا الإجماع بزعمه ) .
النقطة الثالثة : " أن الخلاف الذي وقع بالاجتهاد ،
إنما هو في الأفضلية في كثير من الفروع ، وفي هذا توسعة ورحمة . . . " كما قال :
وليت الشيخ لجأ إلى الأحاديث التي استدللنا بها على وجوب التمتع -وهي كثيرة طيبة-
ناقشها مناقشة العالم المتمكن رواية ودراية ، وإلى أجوبتنا الكثيرة عن احتجاج من
احتج بنهي عمر رضي الله عنه عن التمتع بالحج وإفراد الخلفاء به ، ولكنه لم يصنع من
ذلك شيئاً ، وإنما اتهمني بما ليس في ، وهذا ما سيراه القراء الكرام :

1-
النقطة الأولى : قال الشيخ :
" هذا مع صريح اعترافه بأن عمر بن الخطاب نهى عن
التمتع بالحج وعثمان والزبير (!) وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم ، وأن الخلفاء
الراشدين قد أفردوا في الحج ، ثم قال بعد ذلك بكل اجتراح وجموح : " هذا مخالف
للكتاب والسنة " وعلل عمل الصحابة بما أوحاه له تفكيره ضارباً عرض الحائط بقول رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي "
.

أقول : سبحانك هذا بهتان عظيم ، فحن لم نقل بوجوب المتعة ، إلا اتباعاً
لسنته -صلى الله عليه وسلم- ، وفراراً من غضبه على الذين أمرهم بفسخ الحج إلى
العمرة ، ولم يبادروا إلى اتباعه فوراً ، ( كما رواه مسلم وغيره ) ، وهو مذكور في
مقالنا المنشور في الجزء (1-4) مع غيره من الأحاديث التي في معناه ، فكيف جاز للشيخ
حمدي أن يتهمنا بهذه التهمة المكشوفة ؟!

وإن كان يعني أننا ضربنا عرض الحائط
ببعض الحديث المذكور ، وهو " سنة الخلفاء الراشدين " فهو غير صحيح أيضاً ، لأن
الخلفاء الراشدين لم يتفقوا على خلاف ما ذهبنا إليه في التمتع بالحج ، بل ثبت في "
صحيح مسلم (4-46) أن علياً رضي الله عنه كان يأمر بها ، وأبو بكر رضي الله عنه ، لا
يعرف عنه قول بخلافه ، فأين مخالفتنا للخلفاء الراشدين المزعومة ؟! بله ضربنا عرض
الحائط بقوله -صلى الله عليه وسلم- ؟! فاللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه . .
.

ولعل الشيخ من أولئك الذين يظنون أن معنى قوله عليه السلام : " وسنة
الخلفاء الراشدين " أي أحدهم ، ثم لا يبالون بعد ذلك أكان له مخالف منهم أم لا ؟
فليعلم هؤلاء الظانون أن هذا التفسير خطأ محض ، وأن الصواب فيه : أي مجموعهم ، يعني
ما اتفق عليه الخلفاء الراشدون ، وأما إذا اختلفوا ، فمحال أن يأمر النبي -صلى الله
عليه وسلم- باتباع كل منهم على ما بينهم من الاختلاف ، وإنما المرجع حينذاك قول
الله تبارك وتعالى : ( فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون
بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ).

على أن لبعض العلماء رأياً آخر
في تفسير الحديث هذا ، فقد جاء في " إيقاظ الهمم " ( ص 32 طبع الهند ) :
" وقال
يحيى بن آدم : لا تحتاج مع قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى قول أحد ، وإنما
يقال : سنة النبى -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر رضي الله عنهم ليعلم أن النبي
-صلى الله عليه وسلم- مات وهو عليها ، أقول : وعلى هذا ينبغي أن يحمل حديث : "
عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي " ، فلا يرى فيه إشكال في العطف ، فليس
للخلفاء سنة تتبع إلا ماكان عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- " .

قلت :
فعلى هذا (يكون) العطف في الحديث ، كالعطف في قوله تعالى : ( ومن يشاقق الرسول من
بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين ... ) فإن من المعلوم أن اتباع غير
سبيل المؤمنين ، هو مشاققة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإنما ذكر سبيلهم ليدل على
أنه هو الذي كان عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وهذا المعنى في الحديث أرجح
عندي من الذي قبله لأمور لا مجال لذكرها الآن.

وأما المعنى الأول فباطل
قطعاً ، وهو الذي يجول في أذهان كثير ممن لا يعرفون كيف يؤخذ بالسنة .

فمن
المخالف للسنة المطهرة منا ، ولقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- الأخير الذي ترك
الناس عليه ، وأمر به علي رضي الله عنه ؟ إن الشيخ على القول المرجوح عنده في تفسير
حديث السنة والراجح عند أمثاله هو - مخالف لسنة الخلفاء الراشدين !

أما أنا
فقد خالفت -بعد ثبوت الدليل من السنة- عمر وعثمان ليس إلا ، وهما -رضي الله عنهما-
قد ثبت أنهما نهيا عن التمتع ، ولكن أنكر ذلك عليهما جماعة من الصحابة منهم الخليفة
الراشد علي بن أبي طالب ، لمخالفته لنص القرآن الكريم ( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج
فما استيسر من الهدي ) وكنا فصلنا القول في ذلك تفصيلاً في مقالنا الذي نشرته
المجلة ، فلا نعيد القول فيه ، ولكني أرى أن أذكر الشيخ برواية أخرى فيها إنكار
أقرب الناس إلى عمر -رضي الله عنه- وأعرفهم به ألا وهو عبد الله بن عمر ، وهو من هو
" علماًَ وفهماً عربياً غير ذي عوج " فروى الإمام أبو جعفر الطحاوي عن سالم بن عبد
الله بن عمر ، قال :

" إني لجالس مع ابن عمر -رضي الله عنه- في المسجد ، إذ
جاءه رجل من أهل الشام ، فسأل عن التمتع بالعمرة إلى الحج ، فقال ابن عمر : حسن
جميل ، فقال : فإن أباك كان ينهى عن ذلك ، فقال : ويلك ! فإن كان أبي قد نهى عن ذلك
، وقد فعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمر به ، فبقول أبي تأخذ أم بأمر رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- ؟! قال : بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فقال :
فقم عني ". ورواه أحمد بنحوه. والترمذي وصححه .

فليتأمل المحب للسنة
والمنتصر لها ، كيف كان السلف الصالح لا يؤثرون عليها قول أحد من الناس ولو كانوا
آباءهم ، والشيخ ينكر علينا أخذنا بأمره -صلى الله عليه وسلم- بالتمتع ، ومخالفتنا
لعمر وعثمان وليسا بمعصومين رضي الله عنهما !!

وقبل أن أنتقل إلى النقطة
الثانية أريد أن أنبه القراء إلى أن ما نسبه الشيخ إلي عطفاً على نهي عمر عن التمتع
من القول : " وغيرهم من الصحابة " أقول : وهذا القول افتراء محض علي ، وقوله : "
والزبير " خطأ منه : والصواب " ابن الزبير " .

2- النقطة الثانية : زعم
الشيخ أنه لم يقل بوجوب التمتع في الحج أحد من علماء المسلمين ، والدليل على ذلك
قوله في رده : " فهلا ذكر واحداً باسمه من أئمة الاجتهاد والتشريع في الإسلام قال
بوجوب التمتع " .
فأقول : قد فعلت ذلك في المقال نفسه الذي نشرته المجلة فقد جاء
فيه ما نصه : " بل ذهب بعض العلماء المحققين إلى وجوبه إذا لم يسق معه الهدي ، منهم
ابن حزم وابن القيم تبعاً لابن عباس وغيره من السلف " وأحلت في تفصيل ذلك على كتاب
" المحلى " و" زاد المعاد " .

والشيخ حمدي على علم بقولي هذا ، فإنه أشار
إليه في رده إشارة سريعة بقوله : " وتلقف أقوالاً عن بعض الصحابة وبعض العلماء
المحققين بوجوبه إذا لم يسق الهدي " .

لقد حكى الشيخ هذا عني ، ثم لم يجب
عنه ولو بشطر كلمة ، لأنه لا جواب عنده ، ثم يعود فيطلب تسمية أحد من أئمة الاجتهاد
قال بوجوب التمتع ؟! ولا أجادله في ابن حزم وابن القيم ، فحسبنا الآن إثبات ما
نسبنا لحبر الأمة :

روى مسلم في " صحيحه " عن أبي حسان قال : " قيل لابن
عباس : إن هذا الأمر قد تقشع بالناس ( أي انتشر بينهم ) من طاف بالبيت فقد حل ،
الطواف عمرة ، فقال : سنة نبيكم -صلى الله عليه وسلم- وإن رغمتم " .

وزاد في
رواية له من طريق عطاء :
" وكان يأخذ ذلك من أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- حين
أمرهم أن يحلوا في حجة الوداع ".

وهذا هو مستند العلامة المحقق ابن القيم
-رحمه الله- حين قال في " زاد المعاد ، في هدي خير العباد " بعد أن ذكر أن جواز
التمتع واستحبابه محكم إلى يوم القيامة :
" لكن أبى ذلك الحبر ابن عباس ، وجعل
الوجوب للأمة إلى يوم القيامة ، وأن فرضاً على كل مفرد وقارن لم يسق الهدي ، أن يحل
ولابد ، بل قد حل ، وإن لم يشأ ، وأنا إلى قوله أميل " .

فقد تبين للقراء
الكرام أننا حين قلنا بوجوب التمتع لم نأت بشيء جديد ، بل اتبعنا فيه حبر الأمة ،
وغيره من الأئمة (1) ، لا مقلدين لهم ، بل متبعين ، كما أمر رب العالمين ( قل هذه
سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ) وأننا حين خالفنا عمر أمير
المؤمنين ، فما ذلك إلا اتباعاً لأمر سيد المرسلين ، وفراراً من غضبه -عليه السلام-
كما سبق ذكره ، وأنه سبقنا إلى مخالفته ابن عمه عبد الله ، ووافقنا فى المخالفة
الشيخ حمدي نفسه ، لأنه لا ينهى عن التمتع ، كما نهى عمر !

ثم إن الشيخ
-هدانا الله وإياه- حكى مذاهب العلماء في الأفضل من أنواع الحج الثلاثة ، ونقل دليل
كل منهم فيما ذهب إليه دون أن يحاول بيان الراجح من المرجوح منها ، أو التوفيق بين
ما يمكن التوفيق منها ، وبذلك ترك القراء في حيرة في معرفة الأفضل من ذلك ولا بأس ،
فإن لهم به أسوة ! وليس يهمنا من كلامه هنا إلا قوله :
" وكان أصحاب رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- منهم القارن ، والمفرد ، والمتمتع ، وكل منهم يأخذ عنه أمر
نسكه -صلى الله عليه وسلم- ويصدر عن فعله . . . ".

فإن كان يعني أنه كان
فيهم المفرد في آخر الأمر بحيث أنه لم يتحلل من إحرامه بعمرة ، مع كونه لم يكن ساق
الهدي، فهذا غير صحيح ، فلم يكن معه -صلى الله عليه وسلم- في حجته صحابي واحد لم
يسق الهدي ، حج حجاً مفرداً ، وإنما كانوا في أول إحرامهم منهم القارن ، ومنهم
المفرد ، ومنهم المتمتع وكانوا جميعاً على قسمين منهم من ساق الهدي معه من الحل ،
ومنهم من لم يسق الهدي ، فأمر -صلى الله عليه وسلم- هذا القسم الثاني يأن يحل من
الحج يعمرة فحلوا جميعاً من كان منهم قارناً أو مفرداً ، كما قالت السيدة عائشة
-رضي الله عنها-: " فحل من لم يكن ساق الهدي ، ونساؤه لم يسقن الهدي ، فأحللن "
أخرجه الشيخان .

ومن هنا يتبين وهم من يحتج ببعض الأحاديث التى فيها أنه
-صلى الله عليه وسلم- أمر أهله أن يهلوا بحج وعمرة ، فإن هذا كان في أول الإحرام ،
وأما فيما بعد فقد أمرهن أن يفسخوا ذلك إلى عمرة لأنهن لم يسقن الهدى كما سبق
.

وقبل أن أنتقل إلى النقطة الثالثة والأخيرة ، أريد أن أنبه القراء أيضاً
إلى قول الشيخ الجويجاتي بعد أن ذكر الصحابة والأئمة :
" فيغمزهم جميعاً بعملهم
خلافاً للكتاب والسنة ، ويتناول بالقدح والذم عباد الله حجاج بيته الطائعين من ذلك
العهد الطاهر حتى يومنا هذا ، بوصفهم بخلاء ومحتالين " .

وفي هذا النص
نقطتان مخالفتان لا واحدة ، قد نبهت على الأولى إدارة المجلة فأغنتني عن الإعادة لا
سيما و هي تفهم مما سبق من كلامنا . أما الفرية الأخرى ، فهي قوله إن قدحت جميع
الحجاج من ذلك العهد الطاهر إلى يومنا هذا بوصفهم بخلاء ومحتالين !

والحقيقة
، أنني لم أقدح إلا في جماعة من الحجاج اتصلت بهم في بعض المواسم عرفت من كلامهم ما
به يستحقون الوصف المذكور ، وهذا نص كلامي المنشور في مقالي السابق :

" وقد
اتصلنا بكثير من الحجاج فعرفنا منهم أنهم مع كونهم يعلمون أن التمتع أفضل من
الإفراد ، فكانوا يفردون ، ثم ياتون بالعمرة بعد الحج من التنعيم ، وذلك لئلا
يلزمهم الهدي . . . و ( إنما يتقبل الله من المتقين ) وليس من البخلاء المحتالين "
.

فتأمل أيها القارىء الكريم في كلامنا ، ثم فيما نسبه الشيخ إلينا ، والله
المستعان .

3- النقطة الثالثة : قال الأستاذ الشيخ حمدي :

" إن جميع
أصول الإسلام في العقائد والعبادات . ومنها الحج لم يكن فيها أي اختلاف ، ولكن وقع
الخلاف بالاجتهاد في الأفضلية في كثير من الفروع ، وفي هذا توسعة ورحمة وحكمة بالغة
. . . ".

قلت : وقد تضمن هذا القول أموراً ثلاثة :
الأول : أنه لم يقع
اختلاف بين العلماء أصلاً في العقائد .
الثاني : وكذلك في العبادات لم يقع أي
اختلاف إلا في تفضيل أمر على آخر ، أما في التحريم والتحليل ، والإيجاب والاستحباب
، فلم يقع في ذلك أي اختلاف .
الثالث : وإن الاختلاف المذكور توسعة ورحمة . .
.

أقول : ليس عجبي من الأمر الأول والثالث ، فإن الشيخ مسبوق إليهما ، ولو
من غير ذي إمامة وقدوة ، وإنما عجبي الذي لا يكاد ينتهي من الأمر الثاني فإن أحداً
قبل الشيخ لم يتفوه بذلك ، فهذا مذهب الحنفية الذي يدين الشيخ به قد اختلفوا مثلاً
في الأذان وفي صلاة الجماعة هل هما من السنة أم الواجبات ، وكذلك اختلفوا في
الاطمئنان في الصلاة ، حتى قال أبو يوسف أو الإمام محمد إنها فرض عملي ، وذهب أبو
حنيفة -رحمه الله- إلى عدم مشروعية صلاة الاستسقاء خلافاً لهما ، وإلى جواز شرب
المسكرات المستخرجة من غير العنب ما لم يسكر بها ، على تفصيل معروف في كتب الفقه
خلافاً لهما ، والمساثل الخلافية بينه وبين صاحبيه كثيرة جداً معروفة عند فقهاء
المذهب .

وأما الخلاف بالعقاثد بين أئمة المسلمين والفقهاء المعروفين فحدث
عن البحر ولا حرج ، فقد اختلفوا في الإيمان هل يزيد وينقص ، وهل يقول أنا مؤمن حقاً
، أم يقول أنا مؤمن إن شاء الله ، وترتب على ذلك ما ترتب من الأحكام بنظرهم ، ولبعض
المتأخرين -فيما أذكر- رسالة جمع فيها المسائل التي وقع الخلاف فيها بين أبي الحسن
الأشعري وأبي منصور الماتريدي مما له صلة بالعقيدة والتوحيد !

وأما الخلاف
في العبادات والمعاملات والعقود فأشهر من أن يذكر ، وأكثر من أن يحصر ، فقد اختلفوا
في عدد فرائض الوضوء مثل النية مثلاً ، ونواقضه ، مثل خروج الدم ومس المرأة ، وفي
أركان الصلاة ، كقراءة الفاتحة ، وواجباتها ، مثل قراءة آية بعدها ، والصلاة على
النبي -صلى الله عليه وسلم- في التشهد ، ومبطلاتها ، مثل كلام الناس فيها
.

واختلفوا في الفتاة البالغة الراشدة تزوج نفسها بنفسها بدون إذن وليها
فمنهم من يصححه ، ومنهم من يبطله . . .

وغير ذلك مما يطول الكلام به ، فمن
شاء المزيد منها فليرجع إلى كتاب " الفقه على المذاهب الأربعة " أو " بداية المجتهد
" ير العجب العجاب .

فهل هذا الاختلاف كما يقول الشيخ حمدي خلاف في الأفضلية
فقط وفي الفروع فحسب ؟! فاللهم هداك ورحمتك .

وأما قوله : وفي هذا توسعة
ورحمة . . . . " .

فهو مما لا معنى له هنا ما دام أنه زعم أن الخلاف إنما
وقع في الأفضلية ، فلا تأثير حينئذ للخلاف ، ألا ترى أنهم اختلفوا في أفضل أنواع
الحج ، فلو أنهم اتفقوا على أن الأفضل التمتع مثلاً ، فاتفاقهم هذا دليل على جواز
النوعين الآخرين ، فكيف وهم قد اختلفوا فالحكم هو هو لم يتغير اتفقوا أم اختلفوا
.

وإنما يقول هذا القول بعض من يرى التلفيق بين المذاهب ، بزعمهم أنهم
جميعاً على صواب فيما ذهبوا ، وأن الحق يتعدد ، وحجتهم في ذلك الحديث المشهور : "
اختلاف أمتي رحمة " وهو حديث باطل ، وما بني على باطل فهو باطل ، وقد فصلت القول في
ذلك في سلسلة " الأحاديث الضعيفة " وفي " صفة الصلاة " الطبعة الثالثة ، ولذلك قال
سليمان التيمي :
" إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله " .
رواه ابن
عبد البر في " جامع العلم " (2/92) .
" هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً "
.

وما أظن أن الشيخ حمدي يخالف هذا الإجماع ، ولذلك فلا أطيل الكلام فيه ،
وفيما ذكرنا كفاية .

[/b]


[b][b]أبو عبد الرحمن
الألباني
أصيل الجمعة
10 / 8 / 1385 هـ

[/b][/b]

[b][b][b]المصدر: مجلة
التمدن الإسلامي ( 32 / 761 – 770).

[/b][/b][/b]





[b][b][b][b](*) التمدن
الإسلامي : ذهب الأستاذ الألباني (في مقاله المنشور ص 71-37 من الأجزاء 1-4) إلى
القول بالتمتع في الحج لا (القران ) ولا (الإفراد) وأن الحج كان في أول استئناف
الرسول -صلى الله عليه وسلم- إياه جائزاً بأنواعه الثلاثة ، ثم نقل الرسول المؤمنين
إلى ماهو أفضل وهو التمتع .
ونذكر القراء بأن التمتع بالحج هو أن يهل الرجل
بالعمرة في أشهر الحج من الميقات ثم يأتي حتى يصل إلى البيت فيطوف لعمرته ويسعى
ويحلق في تلك الأشهر بعينها ، ثم يحل بمكة ، ثم ينشىء الحج في ذلك العام بعينه وفي
تلك الأشهر بعينها من مقامه في مكة كأهلها . وأن " القران " هو أن يهل بالنسكين
معاً ، أما " الإفراد " فهو ما يتعرى عن صفات التمتع والقران اللذين عرفناهما فينوي
الحج فقط .
ورد الأستاذ الجويجاتي على قول الأستاذ الألباني في الأجزاء 5-8 (ص
62-66) وانتهى إلى أن الأئمة الأربعة وغيرهم قد اتفقوا على جواز الأنوع الثلاثة
وإنما اختلفوا في الأفضل منها . وعلقت المجلة على ظن أن الأستاذ الألباني خالف
السنة بمخالفة مذهب عمر رضي الله عنه بأن مذهب الصحابي المختلف فيه بين الصحابة
-كرأي عمر رضي الله عنه هنا- ليس حجة على غيره فقد يفوت بعضهم الوقوف على السنة .
وأكد الأستاذ الألباني هنا ماذهب اليه من قبل في ضوء الكتاب والسنة ، فغدت العمرة
جزءاً من الحج بتطبيق نوع (التمتع ) .
(1) مثل مجاهد وعطاء والحسن البصري
والإمام المجتهد إسحاق بن راهويه ، ولولا ضيق المجال لسقت الروايات عنهم
.
[/b][/b][/b][/b]

________________________________________________
نصائح الألباني الإمام الى الحُجاج الكرام 12107010_906912522734669_1561722651500059538_n
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى