حكايات "العائدين من الموت موسيقار الأجيال عاد للحياة قبل الجنازة.. وأموات يستيقظون فى الثلاجات والقبور

تجربة الدنو من الموت تجعلك ترى كل الأماكن البعيدة فى نفس الوقت.. وتعطيك القدرة على التنبؤ بالمستقبل

الموت هو الحقيقة الوحيدة التى يؤمن بها كل البشر، وعلى الرغم من هذا الإجماع الشامل إلا أن وقوعه لا يزال دائما حدثا مزلزلا ثقيل الوطئأة على كل النفوس.

التحقيق التالى يشهد حوادث نادرة جدا لشخصيات عادت من الموت، إما نتيجة تشخيص خاطئ أو نتيجة تسرع فى عمليات الدفن، والبعض منهم يصل إلى داخل القبر ويخرج بعد تذوق الحياة فى مجتمع الموتى، ليعود ويواصل العيش فى مجتمع الأحياء. بالتأكيد من الصعب تخيل تجربة أقسى على الإنسان من التى مر بها هؤلاء، لهذا تركت هذه الخبرة الصعبة أثرها الهدام عليهم لوقت طويل رغم نجاتهم من براثن الموت، كما سنرى بعد قليل.

كلهم قد ولد من جديد حرفيا، وبعودتهم من على حافة القبر بالتأكيد لم تعد حياتهم كمان كانت من قبل.

موسيقار الأجيال يعود من الموت.. لحسن حظنا لعل أطرف هذه القصص هى قصة عودة موسيقار الأجيال الراحل محمد عبد الوهاب من الموت، وهى قصة لا يعرفها الكثيرون، وقد حكاها بنفسه فى إحدى التسجيلات الإذاعية القديمة، عندما قال متذكرا إنه عندما كان يبلغ من العمر سنتين حدثت له وعكة صحية أفقدته الوعي، فظنت عائلته أنه قد مات، وامتلأ منزل الأسرة بالبكاء والنواح، لكن فجأة وأثناء غسل الطفل محمد عبد الوهاب عاد إلى وعيه باكيا، فتحول الحال فى منزل الأسرة إلى سعادة وضحك بالطفل الذى عاد من الموت قبل جنازته بدقائق.

حكايات "العائدين من الموت موسيقار الأجيال عاد للحياة قبل الجنازة.. وأموات يستيقظون فى الثلاجات والقبور 3

◄صلاح قابيل يستيقظ فى قبره

وبالتأكيد فإن شائعة استيقاظ الفنان صلاح قابيل فى قبره، هى أشهر ما قيل عن عودة الموتى فى عالم الفن، وظلت هذه الحكاية حديث الناس منذ أكثر من عشرين سنة، والذين انقسموا بين مصدق للرواية ومكذب لها.

تقول الحكاية إن صلاح قابيل تم دفنه حيا دون التأكد من أنه قد انتقل إلى جوار ربه بالفعل عام 1992م، وذلك أثناء غيبوبة سكر قد أصابته، حيث إنه كان مصابا بداء السكرى، وأن بعض أفراد أسرته الذين كانوا يدفنون متوفيا مات بعد صلاح قابيل بقليل فوجئوا عند فتح المقبرة بالفنان الراحل، وقد نفض الكفن عن نفسه عند مدخل المقبرة، ومد يديه إلى أعلى، مما يؤكد أنه كان يحاول فتح المقبرة أو على الأقل الاستغاثة بمن ينقذه قبل أن يموت حقا.

حكايات "العائدين من الموت موسيقار الأجيال عاد للحياة قبل الجنازة.. وأموات يستيقظون فى الثلاجات والقبور 1

ما إن انتشرت القصة حتى اعتبر البعض أن أسرة "قابيل" تسرعت فى دفنه، دون التأكد مما إذا كانت الوفاة قد حدثت بالفعل أم هى مجرد غيبوبة أخرى، ومنهم من ادعى أنه ظل خمسة أيام كاملة فى قبره يصارع الموت ويحاول الخروج إلى الحياة مرة أخرى، وادعوا أنه حاول ينادى بأعلى صوت له على أى شخص يستطيع مساعدته فلم يسمعه سوى حارس المقابر، الذى أصابه الخوف ظنا منه أنه شبح فترك المكان.

علامات الاستفهام وأصابع الاتهام دفعت بأسرته إلى الخروج عن صمتها، وتوضيح الأمور المتعلقة بملابسات الوفاة، فقالت إن الفنان الراحل توفى بسبب نزيف فى المخ، وأن الدكتور سيد الجندى أستاذ جراحة المخ والأعصاب كان على رأس فريق الأطباء، الذى باشر حالته من البداية للنهاية، وأنه ظل قرابة يومين فى ثلاجة المستشفى قبل أن يصرح بدفنه، وأيضا أن أحدا من أقاربه لم يمت فى الفترة الأخيرة، والأهم من ذلك أن المقبرة التى دفن فيها هى مقبرة خاصة"عين واحدة"، كان قد أعدها بنفسه قبل وفاته، وأنها لم تفتح على الإطلاق منذ أن دخلها جثمانه، وحرصت الأسرة على أن تعلن هذه الحقيقة لتقطع دابر الشائعات التى انتشرت.

◄العودة من داخل ثلاجة الموتى

وتحكى" سامية.إ.غ"سيدة فى العقد الخامس من عمرها من إحدى قرى محافظة دمياط تجربتها الخاصة، فتقول:"كنت أستقل ميكروباص نقل جماعي، وفجأة وقع حادث مريع وانقلب الميكروباص بمن فيه..وبعد مدة لا أستطيع تقديرها شعرت فجأة ببرد شديد وسط ظلام حالك، وأخذت أنادى بصوت أنهكه الإعياء:" ياولاد..ياولاد هى الدنيا برد كده ليه..أنا فين يا ولاد ؟"،وبعد مدة وجدت شخص يسحب درج الثلاجة الذى كنت أرقد فيه ظنا بأننى قد مت، لكنهم انتبهوا لأنى حية والحمد لله.

حكايات "العائدين من الموت موسيقار الأجيال عاد للحياة قبل الجنازة.. وأموات يستيقظون فى الثلاجات والقبور 2

سامية تقول إنها خرجت من هذه التجربة القاسية بأمراض أعيت جسدها، موضحة:" أصبت بمرض جعلنى أعانى من السمنة المستمرة مهما كان ما آكله قليلا، حتى إن الطبيب قال لى إن الحل ليس فى الامتناع عن الطعام، لأننى حتى إذا اكتفيت بشرب الماء فسأظل أسمن وأسمن، لحدوث خلل فى معدلات الحرق بجسدى، وأعانى منذ تلك اللحظة من انتشار بقع البهاق التى تشوهنى فى وجهى وأنحاء جسدي، بالإضافة إلى مرض السكر والتهاب الأعصاب.. فكأنى عدت إلى الحياة ولكن بلا حياة.. والحمد لله على كل حال".

◄3 أيام فى القبر

عاد الشاب"حسين"من عمله ذات ليلة حيث يعمل خراطا، وتناول عشاءه المعتاد وذهب فى نوم عميق لم يفق منه إلا بعدها بخمسة أيام، لأنه أصيب بغيبوبة فى صباح اليوم التالى، بينما أكد الطبيب أنه مات مسموما، وتم نقله إلى مستشفى أحمد ماهر، حيث استخرجت له شهادة الوفاة وتصريح الدفن، وبسرعة تمت إجراءات الغُسل والصلاة والجنازة، وتمدد جسده بجوار جثمان والده، واستقبل الأهل العزاء وسط حالة من الحزن على العريس الشاب الذى خطفه الموت فى ريعان الشباب بعد شهرين فقط من زواجه.

حكايات "العائدين من الموت موسيقار الأجيال عاد للحياة قبل الجنازة.. وأموات يستيقظون فى الثلاجات والقبور 6

ويروي"حسين"الذى قضى 5 أيام داخل القبر فى عالم الموتى هذه التفاصيل الصعبة، فيقول إنه وبعد ثلاثة أيام من دفنه استيقظ من"موته"أو غيبوبته ليجد نفسه محاطا بالظلام مرتديا زيا من قطعة واحدة مدعمة بكمية من القطن، ويكمل حسين:" قمت مش شايف أى حاجة، قعدت أحسس لقيت قطن فى كل جسمى، تحسست المكان حواليا فلاقيت الميتين مرصوصين جثث فى كل حتة، الدنيا كانت ضلمة، صرخت بأعلى صوتى لدرجة أن شعر رأسى وقف، بعدها قعدت أرتعش من البرد والخوف".

وتابع "حسين" بأنه بعد استيقاظه فى اليوم الثالث على تلك المفاجأة ظل يصرخ، وحاول الخروج من القبر بإتجاه السلالم المؤدية لباب المدافن، مستطردا " قعدت يومين على السلم أصرخ وأنادى على حد ينقذنى، وفى اليوم الخامس التربى جاب تصريح وأول ما دخل وشافنى جاتله أزمة قلبيه ومات".

بعد ثلاثة أيام من الموت الصغير والبقاء وسط الجثث، وبعد معايشته كل هذا الذعر الخام داخل القبر، وبعد موت"التربى" الذى صعق لمرآه تم نقل حسين لمستشفى أحمد ماهر، وفور علم والدته بالواقعة جاءت لزيارته وبمجرد أن رأته ابتسمت ثم سقطت مفارقة الحياة هى الأخرى.

بعدها ظل حسين بالمستشفى فاقدا للقدرة على الكلام لمدة ثلاثة شهور، قبل أن يغادرها عائدا لحجرته البسيطة مرة أخرى.

وحول موقفه من الطبيب الذى استخرج له شهادة الوفاة خطأ يذكر حسين، أنه عندما عاد حيا لمستشفى أحمد ماهر بعد خمسة أيام من خروجه منها ميتا، شطب مدير المستشفى وذلك الطبيب أى أثر لاسمه من سجلات ودفاتر المستشفى،الأمر الذى أعاق إثبات أنه خرج منها ميتا فى المرة الأولى.

ولم تقتصر توابع رحلة حسين من الحياة إلى القبر، ثم العودة للحياة مرة أخرى على هذا، بل قامت زوجته بطلب الطلاق متعللة بأنه ليس بشرا وأنه"عفريت حسين"وبهذا تكون عودة حسين للحياة مرة أخرى قد كلفت"والدته والحانوتي"حياتهما، وكلفته خسارة زوجته وصحته وحياته وأعصابه، حيث إنه مازال يعانى من الوساوس.

◄شرحونى لكن بشويش

فنزويلا أيضا شهدت منذ سنوات حادثاً فريداً صارت به حديث العالم كله لشدة غرابته، حيث كان الأطباء يقومون بتشريح إحدى الجثث فى المشرحة لبيان سبب الوفاة المشتبه فى أنها جنائية، وإذا بالقتيل يستيقظ بين أيدى جراحى الطب الشرعى وهو يصرخ من شدة الألم بسبب تمزيق جسده أثناء عملية التشريح التى كانت تجرى له لمعرفة سبب وفاته وهو ما صدم كل الموجودين.

◄بشر على أعتاب البرزخ

من المعروف أن الموت الإكلينيكى هو توقف القلب والتنفس فى حين أن المخ مازال به بقايا من الحياة، وفى أحيان قليلة حينما يكون هناك عمليات إسعافات أولية وانعاش يستعيد القلب قدرته على النبض ويعود الإنسان للحياة مرة أخرى.

ويعلق الدكتور كامل الفراج أستاذ علم النفس الفسيولوجى بجامعة الكويت على قصص العودة من الموت بقوله:"إن عددا كبيرا من الأشخاص حول العالم الذين خاضوا تجربة الدنو من الموت يقولون إنهم عاشوا تجربة غريبة تتضمن مجموعة من العناصر المتشابهة المعروفة فى تجارب "عتبة الموت"، حيث تبدأ التجربة عادة بشعور الإنسان بأنه يسبح خارج جسده،وبعدها يعبر داخل نفق مظلم بسرعة لا توصف،ويلمح فى هذا النفق طريقين أحدهما فى نهايته نور باهر لايوجد شىء يشبهه على وجه الأرض، وعند وصوله إلى هذا النور يرى عددا من أقربائه المتوفين،ويحكى مع بعضهم وسط شعور غامر بالخفة والفرح والسعادة،وطريق آخر مظلم يسمع فيه صراخ وعويل؛وفى النهاية يسمع صوتا يقول له:"ارجع كما كنت لأن ساعتك لم تحن بعد".

حكايات "العائدين من الموت موسيقار الأجيال عاد للحياة قبل الجنازة.. وأموات يستيقظون فى الثلاجات والقبور 7

وأشار"الفراج"إلى أنه وعلى الرغم من محاولة المريض أن يظل فى المكان المغمور بالجمال والراحة؛ لكن التجربة تنتهى عند هذا الحد،ويعود الإنسان إلى جسمه حاملا تجربة تطبع حياته إلى الأبد.

◄شرطى يعود من الموت

نشرت جريدة الراية القطرية فى عددها الصادر بتاريخ 23 يونيو 2006م تحقيقاً مثيراً نقلاً عن جريدة الديلى إكسبريس اللندنية حول عودة بعض الأموات إلى الحياة، من بينها حالة الشرطى البريطانى ستيف جارتنر32 سنة،الذى كان فى مهمة مطاردة أحد اللصوص فأطلقوا الرصاص على رأسه ليسقط غارقاً فى دمائه، لتعلن وفاته بعد وصوله لمستشفى موريستون، إلا أنه فاجأ الجميع بأنه عاد إلى الحياة بعد إعلان الوفه وأفاق وسط حالة ذهول أصابت الجميع.

جارتنر حكى عن الفترة التى مات فيها قائلا أنه شعر بأنه سافر إلى مكان بعيد، ورأى وتكلم مع كل من سبقوه من الأموات ومنهم والده الذى لوح له بيده، والأكثر إثارة أنه أخذ يحكى عن مشاهدته لجسده من أعلى وهو ممدد فى كفنه والناس تمنع أطفاله الثلاثة الصغار من رؤيته أو الاقتراب من مكان الجثة، وقد علقت الدكتورة بيتى ساثورى طبيبة المستشفى التى مات فيها أنها مندهشة مما حدث، لكن ستيف لم يستمر طويلاً فى عمله بعد هذه الحادثة، وتركه بعد 9 شهور بسبب أصابته بنوع غريب من الإجهاد والاضطراب النفسى بعد هذا الحادث المثير.

حكايات "العائدين من الموت موسيقار الأجيال عاد للحياة قبل الجنازة.. وأموات يستيقظون فى الثلاجات والقبور 4

◄الأموات يتنبأون بالمستقبل

حالة أخرى شديدة الغرابة نشرتها الديلى إكسبريس اللندنية لشاعرة وكاتبة مسرحية من مدينة ريدينج تدعى كارول 61 سنة، والتى مرت بحالة غيبوبة فسرت على أنها موت بعد مشاهدتها الوفاة المفاجئة لوالدتها فى 1990. كارول عندما أفاقت قالت إنها ذهبت لمكان ربيعى مشمس مزهر - رغم أن الوقت كان فى شهر ديسمبر – وأضافت أنها رأت كل الأموات وكلمتهم ورأت والدتها وسطهم. وفى تلك الأثناء قابلت رجلاً سألته إن كانت تستطيع البقاء فى هذا المكان فأخبرها أن عليها الرجوع من أجل ابنها الصغير ذو الـ 9 سنوات، وأخبرها فى الوقت نفسه أن زوجها لن يعمر طويلاً وأنها فتحت حقيبة والدتها ووجدت إيشارب شيفون قرمزى اللون، والمثير أن الإيشارب كان موجوداً بالفعل فى الحقيبة، كما أن زوج كارول مات بالفعل بعد عامين كما قالت النبوءة، وعمره لم يتجاوز51 سنة.

◄الروح تخترق الجدران

ومن الحالات المثيرة التى نالت شهرة واسعة بجنوب أفريقيا ما حدث للضابط"أوليفر أوليستون"البريطانى الجنسية عندما تعرض أثناء خدمته فى حرب البور للإصابة بحمى التيفود، والتى أدت الى حالة أشبه بالوفاة، فيقول:"بعد أن عدت من هذه الغيبوبة شعرت أننى ارتفعت أعلى السرير وجسمى طاف فى الهواء حتى اخترقت الجدران، وأصبحت أشاهد المرضى فى كل الغرف وأننى رأيت مريضاً آخر حالته شديدة الخطورة، بسبب تمكن التيفود منه وقد وصفت حالته بالضبط"وكانت المفاجأة أن كل ما حكاه كان يحدث فعلاً فى تلك الفترة لهذا المريض فى الغرفة الأخرى.

حكايات "العائدين من الموت موسيقار الأجيال عاد للحياة قبل الجنازة.. وأموات يستيقظون فى الثلاجات والقبور 5

◄نادر السعودى والحادث المرورى

وهناك تجربة لشخص يدعى"نادر"بالمملكة العربية السعودية والذى تعرض لحادث مرور بشع ظن الناس أنه توفى على أثره، لذلك أودع ثلاجة المستشفى فى انتظار تصريح الدفن، وكانت المفاجأة المذهلة هى عودة نادر للحياة بعد 13ساعة فى ثلاجة الجثث، وعندما خرج من هذه التجربة كشف عن أنه رأى مناظر أشبه بالخيال فيقول:"شعرت أننى طويل جداً وخفيف الوزن، وفى الوقت نفسه مسلوب الإرادة، إلا أنه رأى بعينه مشوار حياته من لحظة ولادته وحتى لحظة وجود جثته فى ثلاجة الجثث وكأنها شريط متصل."

◄شهيد يعود للحياة

الأراضى الفلسطينية المحتلة لم تخلو من التجارب المثيرة، فسمير هو أحد الشباب الذين يتعرضون يومياً لمخاطر عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلى. حيث تعرض سمير لطلقة أوقفت قلبه وجعلت الأطباء يسلطون الصدمات الكهربائية على صدره، بعدها ارتفع النحيب والبكاء حزناً عليه وإيذاناً بحدوث الوفاة. وعن تلك اللحظة يحكى سمير بعد أن أفاق وعاد للحياة، أنه كان يرى الجميع ملتفين حوله يبكون بينما كان يطوف هو فى أعلى الحجرة يتابع الأحداث وهو يشعر أنه شفى من آلامه الشديدة، وأن جسده صار خفيف الوزن، وفجأة استعاد سمير الشعور بالألم الشديد لحظة الإفاقة والعودة للحياة، بعد أن كان الاستعداد لدفنه يتم على قدم وساق.

◄التدخين يجعلك معلقا بين الحياة والموت

ويحكى الدكتور إبراهيم صبيح الاختصاصى بجراحة الدماغ بالأردن:"حينما كان عمري21عاما فى سنة 1973م، وأثناء دراستى بكلية الطب فى مدينة الإسكندرية، أصبت بنوبة قلبية نتيجة شراهتى للتدخين فقدت على إثرها الوعى تماما، وأخذنى صديق لى إلى الطبيب الذى أجرى لى فحصا إشعاعيا بدوره، ثم قال: إن عندى التهابا فى غشاء الرئة، وأعطانى إبرة بنسلين".

وأضاف بقوله:"فى هذه اللحظة أحسست بأن روحى تصعد إلى الأعلى، وأرى نفسى وأنا نائم أمام الطبيب الذى يصرخ هو والمرافق والممرضة معتقدين أننى مت، وكنت وقتها أصبت بتوقف فى التنفس والقلب ناتجة عن حساسية من مادة البنسلين، وهذا أمر معروف فى الطب حتى وإن لم أعانِ من تلك الحساسية من قبل".

هنا أدرك صبيح أن روحه قد خرجت من جسده،وأصبحت حرة تتنقل كما تشاء،وقال:"خرجت الممرضة ودخلت إلى الغرفة الثانية، وأنا أتبعها سابحا خلال الهواء مخترقا الجدران، ورأيتها وهى تخرج الأدرينالين وتعطيه للطبيب، وقبل أن يحقننى الطبيب بدأت روحى تخرج من المستشفى إلى الأعلى، ورأيت مدينة الإسكندرية من علو،ثم فجأة سمعت الدكتور يقول لى: حمد الله على السلامة بعد أن حقننى بالأدرينالين".

وأكد "صبيح" أن ما حدث له لم يكن حلما؛لأن الشخص بعدما يصحو يعرف أنه كان فى عالم خيالى، والأهم أن كلامه يصف شيئا حدث فى العالم الواقعى لم يكن يستطيع رؤيته فى غيبوبته؛ وبالتالى فإن نظريته تقول إنه لم يمت، وإنما كان معلقا بين الحياة والموت لأن أجله لم يحن بعد؛ لذلك رجعت الروح مرة أخرى إلى جسده.

◄الموتى يخبرون بتاريخ العودة

تتحدث السيدة"بتلة كريم"عن تجربة دنو زوجها من الموت فتروى:"حدثت هذه التجربة معنا منذ ما يقارب الخمسة عشر عاماً، فقد سافرت وزوجى إلى بيروت لإجراء عملية جراحة القلب المفتوح، وعند الظهيرة بعد إجراء العملية أعيد فتح صدره مرة أخرى بسبب النزيف المستمر، وحصلت له نوبة قلبية أثناء هذه العملية ظل بعدها زوجى "منصور"ميتا سريريا لمدة ثلاثين دقيقة، رغم هذا استمر الطبيب الجراح فى عملية تدليك للقلب المفتوح، والتى نجحت فى النهاية.

منصور وصف لزوجته انه أثناء العملية وفى فترة الموت السريرى وجد نفسه يقف وسط الجراحين الذين يحاولون إنقاذه، ثم فجأة رأى نفسه يصعد فى سماء الغرفة. كان يفهم ما يجرى ويتساءل هل يا ترى زوجتى"بتلة"على علم بما يحدث لى؟!وفى الحال وجد نفسه فى غرفة الانتظار، وشاهد زوجته وهى تقوم باتصالات تلفونية مع الأهل وتبكى.

شبح منصور الأثيرى لاحظ أن ما يفكر فيه يراه فى الحال. فمثلا لقد فكر"أنه يريد أن يذهب إلى منزلنا فى دمشق وفجأة كان هناك فى المنزل، ورأى"منصور"كل البريد الذى استلمته الخادمة، ورآها وهى تضعه فى الدرج المخصص لذلك، واستطاع أن يصف بدقة كل الخطابات والفواتير وبطاقات الاطمئنان الواصلة من أصدقائه، بل استطاع منصور أن يصف صديقة الخادمة بالتفصيل، ولم نكن نعلم وقتها أن لخادمتنا صديقة من بلدتها تعمل فى بيت قريب، كل تلك الأحداث بالطبع تم التأكد منها وإثبات صحتها، أما الجزء الثانى من تجربته وهو الأغرب فقد وصف"منصور" أنه رأى بوابات ضخمة، بعدها تمت عملية مراجعة كاملة لأحداث حياته الماضية، ثم رأى نفسه بصحبة ملاك يرشده يمشيان بطريق قذر، وعندما مرا بالقرب من بوابة سوداء متسخة، قام"منصور"بقرع جرس مربوط بحبل، وجاء رجل"بوجه نوراني"ولبى نداء الجرس، وأخبر "منصور"أنه كان ينتظره وأن عليه الدخول، وقام بمراجعة اسمه فى كتاب ضخم كان يحمله، وقال "منصور"واصفا هذه اللحظة المتفردة: "كنت فى أجمل مكان أراه فى حياتي، به رائحة منعشة،صافية ونظيفة..تخلصت من آلامى وكنت سعيدا،كانت هناك أزهارجميلة بألوان براقة.كانت المياه تتدفق صافية من الجبال، ومرتبطة بالأعلى بالسحب."

وشعر منصور أن هناك ملاك وأربعة أشخاص آخرين يرتدون ملابس بيضاء صعدوا به أعلى الجبل.وتعثر"منصور"فى الصعود عدة مرات،وسأله الملاك"هل هناك مشكلة؟ أنت متردد، هل تريد العودة؟"..أجابه منصور"نعم"،لأن زوجتى وأسرتى يحتاجون إلىّ." فأخبره الملاك أنه يمكنه العودة،ولكن عليه المجيء إلى هنا فى تاريخ محدد،وأخبره بالمهمة التى عليه أن ينجزها، ولم يخبرنى "منصور"بتلك المهمة التى عليه أن يؤديها ولا بالتاريخ المتفق عليه،وبعدعامين ونصف،وفى الـ 29 من أغسطس،توفي"منصور"، وبعد مضى عامين من وفاته، كنت أقوم بتنظيف أدراجه،وعثرت على ورقة صغيرة ملتصقة بالخلف وبها جملة مكتوبة بخط زوجى تقول"تاريخ العودة 29 أغسطس".

وتكمل"بتلة"القصة بقولها:"بعد عودتنا إلى دمشق أصبح منصور ملتزما بالصلاة، وعندما تحسنت صحته أدى مناسك الحج برفقتى والحمد لله ولم يتحدث بتلك القصة إلا لعدد قليل جداً من الأصدقاء المقربين، خشية أن يكذبوه أو يصبح عرضة للاستهتار، وحتى هذه اللحظة أتذكر كلمات زوجى وأترحم عليه وأدعو له أن يكون مسكنه الجنة بإذن الله".